فصل: تفسير الآية رقم (20):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (20):

{وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)}
{وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً} هي على ما قال ابن عباس. ومجاهد. وجمهور المفسرين ما وعد الله تعالى المؤمنين من المغانم إلى يوم القيامة {تَأْخُذُونَهَا} في أوقاتها المقدرة لكل واحدة منها {فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه} أي مغانم خيبر {وَكَفَّ أَيْدِىَ الناس عَنْكُمْ} أيدي أهل خيبر وحلفائهم من بني أسد. وغطفان حين جاءوا لنصرتهم فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب فنكصوا، وقال مجاهد: كف أيدي أهل مكة بالصلح، وقال الطبري: كف اليهود عن المدينة بعد خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية وإلى خيبر، وقال زيد بن أسلم وابنه. المغانم الكثيرة الموعودة مغانم خيبر والمعجلة البيعة والتخلص من أمر قريش بالصلح، والجمهور على ما قدمناه، والمناسبة لما مر من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الخطاب وغيره بطريق الغيبة كقوله تعالى: {لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين إِذْ يُبَايِعُونَكَ} [الفتح: 18] تقتضي على ما نقل عن بعض الأفاضل أن هذا جار على نهج التغليب وإن احتمل تلوين الخطاب فيه، وذكر الجلبي في قوله تعالى: {فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه} إلخ إنه إن كان نزولها بعد فتح خيبر كما هو الظاهر لا تكون السورة بتمامها نازلة في مرجعه صلى الله عليه وسلم من الحديبية وإن كان قبله على أنها من الأخبار عن الغيب فالإشارة بهذه لتنزيل المغانم منزلة الحاضرة المشاهدة والتعبير بالمضي للتحقق انتهى، واختير الشق الأولى، وقولهم: نزلت في مرجعه عليه الصلاة والسلام من الحديبية باعتبار الأكثر أو على ظاهره لكن يجعل المرجع اسم زمان ممتد. وتعقب بأن ظاهر الأخبار يقتضي عدم الامتداد وأنها نزلت من أولها إلى آخرها بين مكة والمدينة فلعل الأولى اختيار الشق الثاني، والإشارة بهذه إلى المغانم التي أثابها إياها المذكورة في قوله تعالى: {وأثابهم فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا} [الفتح: 18، 19] وهي مغانم خيبر، وإذا جعلت الإشارة إلى البيعة كما سمعت عن زيد وابنه وروى ذلك عن ابن عباس لم يحتج إلى تأويل نزولها في مرجعه عليه الصلاة والسلام من الحديبية {وَلِتَكُونَ ءايَةً} الضمير المستتر، قيل: للكف المفهوم من {الذى كَفَّ} والتأنيث باعتبار الخبر، وقيل: للكفة فأمر التأنيث ظاهر.
وجوز أن يكون لمغانم خيبر المشار إليها بهذه والآية الأمارة أي ولتكون أمارة للمؤمنين يعرفون بها أنهم من الله تعالى كان أو يعرفون بها صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في وعده إياهم فتح خيبر وما ذكر من المغانم وفتح مكة ودخول المسجد الحرام، واللام متعلقة إما حذوف مؤخر أي ولتكون آية لهم فعل ما فعل أو بما تعلق به علة أخرى محذوفة من أحد الفعلين السابقين أي فعجل لكم هذه أو كف أيدي الناس عنكم لتنتفعوا بذلك ولتكون آية، فالواو كما في الإرشاد على الأول اعتراضية وعلى الثاني عاطفة، وعند الكوفيين الواو زائدة واللام متعلقة بكف أو بعجل {وَيَهْدِيَكُمْ} بتلك الآية {صراطا مُّسْتَقِيمًا} هو الثقة بفضل الله تعالى والتوكل عليه في كل ما تأتون وتذرون.

.تفسير الآية رقم (21):

{وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21)}
{وأخرى} عطف على {هذه} في {فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه} [الفتح: 20] فكأنه قيل فعجل لكم هذه المغانم وعجل لكم مغانم أخرى وهي مغانم هوازن في غزوة حنين، والتعجيل بالنسبة إلى ما بعد فيجوز تعدد المعجل كالابتداء بشيئين، وقوله تعالى: {لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا} في موضع الصفة ووصفها بعدم القدرة عليها لما كان فيها من الجولة قبل ذلك لزيادة ترغيبهم فيها، وقوله تعالى: {قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا} في موضع صفة أخرى لأخرى مفيدة لسهولة تأتيها بالنسبة إلى قدرته عز وجل بعد بيان صعوبة منالها بالنظر إلى قدرتهم، والأحاطة مجاز عن الاستيلاء التام أي قد قدر الله تعالى عليها واستولى فيه في قبض قدرته تعالى يظهر عليها من أراد، وقد أظهركم جل شأنه عليها وأظفركم بها، وقيل: مجاز عن الحفظ أي قد حفظها لكم ومنعها من غيركم، والتذييل بقوله سبحانه: {وَكَانَ الله على كُلّ شَيْء قَدِيرًا} أوفق بالأول، وعموم قدرته تعالى لكونها مقتضى الذات فلا يمكن أن تتغير ولا أن تتخلف وتزول عن الذات بسبب ما كما تقرر في موضعه، فتكون نسبتها إلى جميع المقدورات على سواء من غير اختصاص ببعض منها دون بعض وإلا كانت متغايرة بل مختلفة، وجوز كون {أخرى} منصوبة بفعل يفسره قد أحاط الله بها مثل قضى.
وتعقب بأن الأخبار بقضاء الله تعالى بعد اندراجها في جملة الغنائم الموعود بها بقوله تعالى: {وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} [الفتح: 20] ليس فيه مزيدة فائدة وإنما الفائدة في بيان تعجيلها، وأورد عليه أن المغانم الكثيرة الموعودة ليست معينة ليدخل فيها الأخرى، ولو سلم فليس المقصودة بالإفادة كونها مقضية بل ما بعده فتدبر، وجوز كونها مرفوعة بالابتداء والجملة بعدها صفة وجملة قد أحاط إلخ خبرها، واستظهر هذا الوجه أبو حيان، وقال بعض الخبر محذوف تقديره ثمت أو نحوه، وجوز الزمخشري كونها مجرورة باضمار رب كما في قوله:
وليل كموج البحر أرخى سدوله

وتعقبه أبو حيان بأن فيه غرابة لأن رب لم تأت في القرآن العظيم جارة مع كثرة ورود ذلك في كلام العرب فكيف تضمر هنا، وأنت تعلم أن مثل هذه الغرابة لا تضر، هذا وتفسير الأخرى غانم هوازن قد أخرجه عبد بن حميد عن عكرمة عن ابن عباس واختاره غير واحد، وقال قتادة. والحسن: هي مكة وقد حاولوها عام الحديبية ولم يدركوها فأخبروا بأن الله تعالى سيظفرهم بها ويظهرهم عليها، وفي رواية أخرى عن ابن عباس. والحسن، ورويت عن مقاتل أنها بلاد فارس والروح وما فتحه المسلمون، وهو غير ظاهر على تفسير المغانم الكثيرة الموعودة فيما سبق بما وعد الله تعالى به المسلمين من المغانم إلى يوم القيامة، وأيضًا تعقبه بعضهم بأن {لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا} يشعر بتقدم محاولة لتلك البلاد وفوات دركها المطلوب مع أنه لم تتقدم محاولة.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال: هي خيبر، وروى ذلك عن الضحاك. وإسحق. وابن زيد أيضًا، وفيه خفاء فلا تغفل.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22)}
{وَلَوْ قاتلكم الذين كفَرُواْ} أي من أهل مكة ولم يصالحوكم كما روى عن قتادة، وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج أنهم حليفا أهل خيبر أسد: وغطفان، وقيل: اليهود وليس بذاك {لَوَلَّوُاْ الادبار} أي لانهزموا فتولية الدبر كناية عن الهزيمة {ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا} يحرسهم، وذكر الخفاجي أن الحارس أحد معاني الولي، وتفسيره هنا بذلك ناسبته للمنهزم، وقال الراغب: كل من ولي أمر آخر فهو وليه، وعليه فالحارس ولي لأنه يلي أمر المحروس، والتنكير للتعميم أي لا يجدون فردًا ما من الأولياء {وَلاَ نَصِيرًا} ولا فردًا ما من الناصرين ينصرهم، وقال الإمام: أريد: بالولي من ينفع باللطف وبالنصير من ينفع بالعنف.

.تفسير الآية رقم (23):

{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}
{سُنَّةَ الله التي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ} نصب على المصدرية بفعل محذوف أي سن سبحانه غلبة أنبيائه عليهم السلام سنة قديمة فيمن مضى من الأمم كما قال سبحانه: {لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى} [المجادلة: 12] على ما هو المتبادر من معناه، ولعل المراد أن سنته تعالى أن تكون العاقبة لأنبيائه عليهم السلام لا أنهم كلما قاتلوا الكفار غلبوهم وهزموهم {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلًا} تغييرًا.

.تفسير الآية رقم (24):

{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بما تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)}
{وَهُوَ الذي فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} أي أيدي كفار مكة، وفي التعبير بكف دون منع ونحوه لطف لا يخفى {وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ} يعني الحديبية كما أخرج ذلك عبد بن حميد. وابن جرير عن قتادة. وقد تقدم أن بعضها من حرم مكة، وأن لم يسلم فالقرب التام كاف ويكون إطلاق {بَطَنَ مَكَّةَ} عليها مبالغة {مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ} مظهرًا لكم {عَلَيْهِمْ} فتعدية الفعل بعلى لتضمنه ما يتعدى به وهو الإظهار والإعلاء أي جعلكم ذوي غلبة تامة. أخرج الإمام أحمد. وابن أبي شيبة. وعبد بن حميد. ومسلم. وأبو داود. والترمذي. والنسائي في آخرين عن أنس قال: لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثمانون رجلًا من أهل مكة في السلاح من قبل جبل التعيم يريدون غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليهم فأخذوا فعفا عنهم فنزلت هذه الآية {وَهُوَ الذي كَفَّ} إلخ، وأخرج أحمد. والنسائي. والحاكم وصححه. وابن مردويه. وأبو نعيم في الدلائل عن عبد الله بن معقل قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن إلى أن قال: فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابًا عليهم السلاح فثاروا إلى وجوهنا فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الله تعالى بأسماعهم ولفظ الحاكم بأبصارهم فقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل جئتم في عهد أحد أو هل جعل لكم أحد أمانًا؟ فقالوا: لاف خلي سبيلهم فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الذي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} إلخ.
وأخرج أحمد. وغيره عن سلمة بن الأكوع قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا إلى الصلح فلما اصطلحنا واختلط بعضنا ببعض أتيت شحرة فاضطجعت في ظلها فأتاني أربعة من مشركي مكة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبغضتهم وتحولت إلى شجرة أخرى من مشركي أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبغضتهم وتحولت إلى شجرة أخرى فعلقوا سلاحهم واضطجعوا فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل ما للمهاجرين قتل بن زنيم فاخترطت سيفي فاشتدت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم وجعلته في يدي ثم قلت: والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء عمي عامر برجل يقال له مكرز من المشركين يقوده حتى وقفنا بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: دعوهم يكون لهم بدء الفجور وثناه فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الذي كَفَّ} إلخ، وهذا كله يؤيد ما قلناه، وأخرج ابن جرير.
وابن المنذر. وابن أبي حاتم عن ابن أبزى قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالهدي وانتهى إلى ذي الحليفة قال له عمي: يا نبي الله تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع فبعث إلى المدينة فلم يدع فيها كراعًا ولا سلاحًا إلا حمله فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل فسار حتى أتى مني فنزل بها فأتاه عينه أن عكرمة ابن أبي جهل قد جمع عليك في خمسمائة فقال لخالد بن الوليد: يا خالد هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل فقال خالد: أنا سيف الله وسيف رسوله فيومئذ سمي سيف الله يا رسول الله ارم بي إن شئت فبعثه على خيل فلقيه عكرمة في الشعب فهزمه حتى أدخله حيطان مكة فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الذى} الآية. وفي البحر أن خالدًا هزمهم حتى دخلوا بيوت مكة وأسر منهم جملة فسيقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن عليهم وأطلقهم، والخبر غير صحيح لأن إسلام خالد رضي الله تعالى عنه بعد الحديبية قبل عمرة القضاء، وقيل بعدها وهي في السنة السابعة.
وروى ابن إسحق. وغيره أن خالدًا كان يوم الحديبية على خيل قريش في مائتي فارس قدم بهم إلى كراع الغميم فدنا حتى نظر إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عباد بن بشر فتقدم بخيله فقام بإزائه وصف أصحابه وحانت صلاة الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف، وعن ابن عباس أن أهل مكة أرسلوا جملة من الفوارس في الحديبية يريدون الوقيعة بالمسلمين فأظهرهم الله تعالى عليهم بالحجارة حتى أدخلوهم البيوت، وأنكر بعضهم ذلك والله تعالى أعلم بصحة الخبر.
وقيل: كان هذا الكف يوم فتح مكة، واستشهد الإمام أبو حنيفة بما في الآية من قوله تعالى: {مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ} بناء على هذا القول لفتح مكة عنوة. واعترض القول المذكور والاستشهاد بالآية بناء عليه، أما الأول فلأن الآية نزلت قبل فتح مكة. وتعقب بأنه إن أريد أنها نزلت بتمامها قبله فليس بثابت بل بعض الآثار يشعر بخلافه وإلا فلا يفيد مع أنه يجوز أن يكون هذا إخبارًا عن الغيب كما قيل ذلك في غيره من بعض آيات السورة، وأما الثاني فلأن دلالتها على العنوة ممنوعة، فقد قال الزمخشري: الفتح هو الظفر بالشيء سواء كان عنوة أو صلحًا، والفرق بين الظفر على الشيء والظفر به من حيث الاستعلاء وهو كائن لأنهم اصطلحوا وهم مضطرون ورسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه مختارون، وفيه دغدغة لا تخفى؛ وكذا فيما تعقب به الأول.
وبالجملة هذا القول وكذا الاستشهاد بما في الآية بناء غير بعيد إلا أن أكثر الأخبار الصحيحة وكذا ما بعد يؤيد ما قلناه أولًا في تفسير الآية {وَكَانَ الله بما تَعْمَلُونَ} بعملكم أو بجميع ما تعملونه ومنه العفو ومنه العفو بعد الظفر.
{بَصِيرًا} فيجازيكم عليه. وقرأ أبو عمرو {يَعْمَلُونَ} بياء الغيبة فالكلام عليه تهديد للكفار.